بقلم حسن طارق
إنهم يحبون«اليسار»؟
لقد اكتشفوا أخيرا الكثير من فضائله الجمة: أن يصلح مثلا لملء الخانات الأولى لنهج سير الزعماء الجدد لليمين القديم، أن تستعمل بعض كلماته لملء البياضات الكبرى ليمين تعوزه الفكرة، أن يقدم ما تبقى من طهارة لتبييض سواد تجار الانتخابات ومفسدي الحياة العامة، أن تستعار بعض لغته لنحت «نشيد» المرحلة الجديدة.
لكن لماذا كل هذا الحرص على إعلان هويتك الأولى بغير قليل من الاحتفاء الغامض؟
لماذا يبحثون بدقة جراح، كمن يبحث عن ندبة قديمة، عن أصغر اجتماع قد تكون حضرته خطأ داخل تنظيم لليسار، عن أبسط خلية تلاميذ قد تكون انتظمت فيها أسبوعا أو أسبوعين، عن ذرة تعاطف عبرتك ذات مراهقة مع فكرة اشتراكية طائشة حملتها إليك ريح السبعينيات؟
لماذا يحتفلون بإعلانك لنا يساريا سابقا؟
لماذا يحبونك يساريا سابقا؟
هل حبا في اليمين؟
أم نكاية في اليسار؟
هل وفاء للخيانات أم مديحا للمراجعات؟
أم ببساطة لأن اليساري الجيد هو اليساري السابق؟
ثمة سؤال جدير بالانتباه: لماذا يحتاج اليمين دائما ليساريين؟ و هل الأمرله علاقة «بعقدة اليمين»؟
لماذا يحبونك يساريا سابقا؟
هل ليبدو اليسار ثالثا مرفوعا أمام الثنائيات الجديدة:«الفساد» أو «الظلام»، «اليمين»، أو «اليمين»، «يمين الدولة» أو «يمين المجتمع»؟
هل حرصا على نبوءة قديمة لفرانسيس فوكوياما، وهو يعلن بسذاجة عن نهاية التاريخ وانتصار الإنسان الأخير؟
هل تحتاجك الدولة لكي تقتنع من جديد بصوابها الأبدي، وبانتصاراتها التاريخية على مجتمع «متعثر» ؟
هل تحتاجك الدولة فعلا؟
إنهم يريدون لليسار أن يبدو كحنين شاعري لطفولة صاخبة، وأن يبدو الانتماء إليه كمجرد حلقة عابرة في اتجاه حكمة «الدولة» و عقلانيه «اليمين»، أن يصبح كحب قديم نتذكره بلا مشاعر تقريبا، أو كمحاولة لتجريب الأشياء في اتجاهاتها الأقصى قبل تلمس سداد الاعتدالات.
يريدون لليسار أن يبدو كحالة بيولوجية، وليس كما هو: حالة إيديولوجية، أن يكون جيدا وملائما وربما ضروريا قبل العشرينيات، على أن يصبح حالة انحراف معلن بعد ذلك بقليل.
يريدونه عمرا وليس فكرة.
ومع ذلك سنغامر ونقول إنهم يحبون اليسار؟
يحبونه منكسرا وخائبا، منهزما وتائها في عيون «السابقين»
يحبونه جثة متفسخة على أعتاب الإله الجديد: السوق.
يحبونه مائعا كالماء، أبيض كالبلاهة، طيعا كالإسفنج.
يحبونه بلا روح، بلا أفكار، بلا نفس، بلا رؤية، بلا مشروع ولا امتداد.
إنهم يحبون اليسار،
رغم ذلك هم لا يحبون: المساواة، فصل السلط، توزيع الثروة، العدالة الاجتماعية، حقوق الإنسان، الخدمة العمومية، الاقتصاد المتضامن، المدرسة العمومية، والصحافة الحرة.
إنهم يحبون اليسار،
رغم ذلك هم لا يتذكرون: الفقراء، هوامش المدن، الأمية، القرى المنسية، ودور الصفيح.
هم ليسوا في حاجة إلى ذلك، إنهم يريدون يسارا خفيفا كمزحة أو كوجبة سريعة.
هم ليسوا في حاجة إلى الإيدولوجيا: فهم يملكون الأهم: الميديولوجيا، أغلفة المجلات الصقيلة، رقاب أشباه الكتبة وضمائر الصحافيين الجدد.
هم ليسوا في حاجة إلى الأفكار، فهم يملكون الأهم: الأعيان، الشبكات، النفوذ، أموال المخدرات والحشيش الوطني.
مع ذلك قد يفاجئوننا ببعض النظريات المثيرة: كأن يتحالف اليمين مع اليمين ضد اليمين أو كأن يصبح اللصوص ضرورة للديمقراطية.
إنهم يحبون «اليسار»؟
إنهم لا يحبون اليسار.
لقد اكتشفوا أخيرا الكثير من فضائله الجمة: أن يصلح مثلا لملء الخانات الأولى لنهج سير الزعماء الجدد لليمين القديم، أن تستعمل بعض كلماته لملء البياضات الكبرى ليمين تعوزه الفكرة، أن يقدم ما تبقى من طهارة لتبييض سواد تجار الانتخابات ومفسدي الحياة العامة، أن تستعار بعض لغته لنحت «نشيد» المرحلة الجديدة.
لكن لماذا كل هذا الحرص على إعلان هويتك الأولى بغير قليل من الاحتفاء الغامض؟
لماذا يبحثون بدقة جراح، كمن يبحث عن ندبة قديمة، عن أصغر اجتماع قد تكون حضرته خطأ داخل تنظيم لليسار، عن أبسط خلية تلاميذ قد تكون انتظمت فيها أسبوعا أو أسبوعين، عن ذرة تعاطف عبرتك ذات مراهقة مع فكرة اشتراكية طائشة حملتها إليك ريح السبعينيات؟
لماذا يحتفلون بإعلانك لنا يساريا سابقا؟
لماذا يحبونك يساريا سابقا؟
هل حبا في اليمين؟
أم نكاية في اليسار؟
هل وفاء للخيانات أم مديحا للمراجعات؟
أم ببساطة لأن اليساري الجيد هو اليساري السابق؟
ثمة سؤال جدير بالانتباه: لماذا يحتاج اليمين دائما ليساريين؟ و هل الأمرله علاقة «بعقدة اليمين»؟
لماذا يحبونك يساريا سابقا؟
هل ليبدو اليسار ثالثا مرفوعا أمام الثنائيات الجديدة:«الفساد» أو «الظلام»، «اليمين»، أو «اليمين»، «يمين الدولة» أو «يمين المجتمع»؟
هل حرصا على نبوءة قديمة لفرانسيس فوكوياما، وهو يعلن بسذاجة عن نهاية التاريخ وانتصار الإنسان الأخير؟
هل تحتاجك الدولة لكي تقتنع من جديد بصوابها الأبدي، وبانتصاراتها التاريخية على مجتمع «متعثر» ؟
هل تحتاجك الدولة فعلا؟
إنهم يريدون لليسار أن يبدو كحنين شاعري لطفولة صاخبة، وأن يبدو الانتماء إليه كمجرد حلقة عابرة في اتجاه حكمة «الدولة» و عقلانيه «اليمين»، أن يصبح كحب قديم نتذكره بلا مشاعر تقريبا، أو كمحاولة لتجريب الأشياء في اتجاهاتها الأقصى قبل تلمس سداد الاعتدالات.
يريدون لليسار أن يبدو كحالة بيولوجية، وليس كما هو: حالة إيديولوجية، أن يكون جيدا وملائما وربما ضروريا قبل العشرينيات، على أن يصبح حالة انحراف معلن بعد ذلك بقليل.
يريدونه عمرا وليس فكرة.
ومع ذلك سنغامر ونقول إنهم يحبون اليسار؟
يحبونه منكسرا وخائبا، منهزما وتائها في عيون «السابقين»
يحبونه جثة متفسخة على أعتاب الإله الجديد: السوق.
يحبونه مائعا كالماء، أبيض كالبلاهة، طيعا كالإسفنج.
يحبونه بلا روح، بلا أفكار، بلا نفس، بلا رؤية، بلا مشروع ولا امتداد.
إنهم يحبون اليسار،
رغم ذلك هم لا يحبون: المساواة، فصل السلط، توزيع الثروة، العدالة الاجتماعية، حقوق الإنسان، الخدمة العمومية، الاقتصاد المتضامن، المدرسة العمومية، والصحافة الحرة.
إنهم يحبون اليسار،
رغم ذلك هم لا يتذكرون: الفقراء، هوامش المدن، الأمية، القرى المنسية، ودور الصفيح.
هم ليسوا في حاجة إلى ذلك، إنهم يريدون يسارا خفيفا كمزحة أو كوجبة سريعة.
هم ليسوا في حاجة إلى الإيدولوجيا: فهم يملكون الأهم: الميديولوجيا، أغلفة المجلات الصقيلة، رقاب أشباه الكتبة وضمائر الصحافيين الجدد.
هم ليسوا في حاجة إلى الأفكار، فهم يملكون الأهم: الأعيان، الشبكات، النفوذ، أموال المخدرات والحشيش الوطني.
مع ذلك قد يفاجئوننا ببعض النظريات المثيرة: كأن يتحالف اليمين مع اليمين ضد اليمين أو كأن يصبح اللصوص ضرورة للديمقراطية.
إنهم يحبون «اليسار»؟
إنهم لا يحبون اليسار.
2/24/2010
رابك المقال الأصلي
http://tinyurl.com/yk6kd6b
رابط الترجمة الفرنسية
http://mounirbensalah.org/2010/02/24/profession-ancien-de-gauche/