الأحد، 23 أكتوبر 2011

زينبة وقصة "نعم آس"

امرأة أمازيغية منعت من الترشح فواجهت القبيلة ومسؤولي الداخلية بشجاعة

بقلم  ضحى زين الدين

بشبه احتجاج انتفضت فاطمة المعوني آيت بري، رئيسة جمعية نساء الجبل، وهي تفند، خلال لقاء عقدته شبكة نساء متضامنات بالبيضاء، شهادة شاب عن كون نساء القرى والبوادي والمناطق النائية غير مباليات بالسياسة ويصوتن في الانتخابات لمن يختاره عنهن أزواجهن وآباؤهن وأشقاؤهن، وتشهر في وجهه تجربة زينبة، إحدى نساء المداشر النائية بأزيلال وبالضبط في دائرة «تاكلافت»، وهي الدليل القاطع بالنسبة إلى فاطمة بأن نساء القرى مسيسات أكثر من الرجال.قصة زينبة إذن بدأت حين تقدمت المرأة البدوية للترشح للانتخابات في دائرتها في وقت سابق، فوجئ الجميع، «زينبة التي لا تعرف العربية، والتي لا تتحدث إلا الأمازيغية، زينبة، المرأة، زينبة...زينبة.. ؟؟؟!!!!شمرت زينبة عن ساعديها وقالت «إييه زينبة، ستترشح»، « ولأنها ذكية اتصلت بجمعيات لمساندتها في طلبها، تحركت هواتف مسؤولي وزارة الداخلية بالمنطقة، استدعوا بعض شيوخ القبيلة التي تنتمي إليها، وطالبوهم بإقناع زينبة بالتراجع والعودة إلى المكنسة والطاجين، لكن الوفود عادت خائبة من بيتها، فقد كانت مصرة، بل أكثر من ذلك بدأت اتصالاتها بالأحزاب السياسية عبر الجمعيات، وطبعا وجدت عندهم «الرفض»، (رشحوا حتى دياولهم باقت غير زينبة).رغم ذلك حشدت المرأة الأصوات قبل الترشح، ولم يكن مفاجئا مساندتها من طرف نساء القبيلة، فتحمست زينبة أكثر وأكثر واشتعلت إرادتها، إلى أن تم استدعاؤها إلى مكتب أحد رجالات وزارة الداخلية، وكان بحاجة إلى مترجم ليعرف ما تقوله المرأة بالأمازيغية. جلست على الكرسي أمام مكتبه الفاخر، وبدون مقدمات سألها لماذا تريد الترشح، فأجابت بعفوية أنه حقها وأنها تريد خدمة بلدتها، ثم قال لها إن أمامها عائقا كبيرا، وهو أنها لا تعرف العربية، فكانت له بالجواب المرصاد، مستعرضة أمامه أسماء باقي المرشحين في المنطقة، بل في الإقليم ممن لا يعرفون العربية، ثم وقفت المرأة أمام المسؤول وقالت له بأمازيغيتها وفخرها «ما حاجتي إلى العربية، فكل المنتخبين لا يتحدثون أصلا معكم، والعبارة الوحيدة التي يقولونها بحضرتكم هي «نعم آس»، أنا أيضا أتقن ترديد «نعم آس...نعم آس...نعم آس...».بذكائها وفطنتها عرفت زينب أو زينبة كما يناديها أهل الدوار أن الأمر لا يتعلق إلا ب»نعم آس» التي تلخص كل شيء، وأن الشيفرة التي تفتح كل الأبواب هي «نعم آس»، وأن لغة التواصل الوحيدة بين رجالات الداخلية والمواطنين وممثليهم أيضا هي «نعم آس». ألقت زينبة إذن بقنبلتها المدوية في «حجر» المسؤول، الذي لم يجد جوابا أو غطاء يستر به الحقيقة التي عرت عورتها زينبة في مكتبه فخشي أن تتطور الأمور إلى اكثر من ذلك لينهي اللقاء وهو يعلم أنه لم يكن يقف أمام شخص عاد، بل امرأة أدركت بذكائها أن السياسة في بلادنا لا تعتمد معايير الكفاءة والجدارة والحق في التنافس على خدمة البلاد، بقدر ما هي «تزكيات» مشبوهة، بقدر ما هي إذعان للعبارة السحرية التي تجعل الأحزاب ترمي بلبوسها في المعارضة لترتدي لبوس «نعم آس» وهي في السلطة.

هناك تعليق واحد: