السبت، 28 مايو 2011

الزواج العجيب .. بقلم أحمد نشاطي

من الآثار الجانبية لحركة 20 فبراير الشبابية، أنها كشفت تحالفا غريبا وعجيبا بين تيارين سياسيين وإيديولوجيين يقفان على طرفي نقيض، ويسيران في مرجعيتهما على خطين متوازيين.
يرتبط تعبير الآثار الجانبية، عادة، بمجال الصيدلة، من باب التأثيرات السلبية لبعض الأدوية، إنه الوضع نفسه نجده في مجال السياسة، فنصطدم بآثار جانبية، وتأثيرات سلبية، تكشف زواجا غير طبيعي بين تشكيلتين متناقضتين في المشهد المغربي، وتسلط الضوء على جزء من حاملي شعارات التغيير، الذين "لا يتغيرون"، تماما مثل "الراس اللي ما يدور كدية"!
ففي علم الهندسة، لا يمكن للخطين المتوازيين أن يلتقيا أبدا، إلا أن التيارين المعنيين قلبا هذه الحقيقة المطلقة، ويتعلق الأمر بحزب النهج الديمقراطي، وجماعة العدل والإحسان، اللذين جمعهما هذا "الحب الجارف" لحركة الشباب، والتحق بهما بعض "المتيمين" من الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، في واحدة من النكات "الدرامية"، التي تحبل بها الحياة السياسية المغربية.
النهج الديمقراطي يعلن نفسه وريثا شرعيا لمنظمة "إلى الإمام"، ذات المرجعية "الماركسية اللينينية"، التي ظهرت في مطلع السبعينيات من القرن الماضي، في إطار ما عرف باليسار الجديد في المغرب، في سياق تاريخي دولي وإقليمي ووطني محدد.
ورغم انتقال "الرفاق" إلى الشرعية، بعد مرحلة عسيرة، لابد من الاعتراف أن قسما كبيرا منهم، ضمن اليسار المغربي عموما، انكوى بنارها، فإن الأطروحة المؤسسة للمنظمة، قبل أربعة عقود، مازالت، في الجوهر، هي نفسها المتحكمة في نهج "النهج". من قال إن التاريخ حركة وحركية وسيرورة من التطورات والتغييرات والتحولات "إلى الأمام"؟ التاريخ "كدية"!
أما جماعة العدل والإحسان، فلم تخف يوما طبيعتها كحركة دينية، تجهر بعدائها لمصطلحات ومرجعيات، مثل الديمقراطية، والاشتراكية، واليسار، والتقدمية، والعلمانية، والحداثة، والأحزاب...
من حيث المبدأ، وفي بلد يطمح إلى الديمقراطية، لا مجال لمنازعة أحد في اختياراته ومواقفه وتحالفاته، إلا أن الديمقراطية نفسها تضمن للآخرين حق ممارسة الحفر والتنقيب في الممارسات والسلوكات المضرة بالديمقراطية.
فكيف يستقيم التحالف بين طرف انطلق من "ديكاتورية البروليتاريا" الطوباوية، حتى لا نقول الدموية، وطرف يحلم بـ"دولة الخلافة" الموهومة والمزعومة؟
طبعا، هناك دائما خيمة اللغة، وهي واسعة بما يكفي، لتُنجد الطرف الأول بمقولة "المرحلية، والتناقض الرئيسي والتناقض الثانوي"، كما فيها، بالنسبة للطرف الثاني، وفرة من فتاوى التقية، من نوع "عدو عدوي صديقي".
وبلغة اليسار النزيه، يسمى هذا النوع من التحالفات غير المبدئية، "انتهازية"، بكل بساطة، وبتعبير الفقهاء، يقال "ما بني على باطل فهو باطل".

هناك تعليق واحد: