السبت، 19 نوفمبر 2011

في مخاطر تحزيب حركة 20 فبراير


في مخاطر تحزيب حركة 20 فبراير

يوم تقرر أن يقدم صديق الملك فؤاد عالي الهمة استقالته ليترشح في البرلمان عن دائرة الرحامنة، قررت جيوب مقاومة التغيير اغتيال الديمقراطية للمرة الثانية، بعد أن تقرر في وقت سابق التخلي عن المجاهد عبد الرحمان اليوسفي، وعدم احترام المنهجية الديمقراطية رغم فوز حزب اليوسفي بالمرتبة الأولى آنذاك.

كان السيناريو هو خلق حزب الوافد الجديد، وكان الخطأ هو محاولة تحزيب الملكية، والهدف هو تونسة ومصرنة المغرب، وكانت النتيجة.. خطوات إلى الوراء، لأن الملكية يجب أن تبقى فوق الجميع لا خصما سياسيا.

مناسبة هذا الحديث هو دفع بعض النشطاء حركة 20 فبراير إلى السقوط في نفس الفخ عن وعي أو دونه، أي أن تسقط إلى مرتبة الخصم السياسي. وهذا – وإن توهم البعض انه يخدم مصالحه الحزبية الضيقة على مدى زمني قريب- لكنه يهدد الحركة بالانتحار على المدى المتوسط والبعيد.

ولا شك أن ظواهر مثل انحسار المد الجماهيري لبعض التنظيمات، وعدم توفرها على بعض الآليات، وعدم تمثيلها في المجالس، وضعف الإمكانيات، والهجمة المخزنية على الظاهرة الحزبية وتبخيس السياسية يجعل هذه التنظيمات في موقع ضعف. لذلك، وأمام حالة "انتهاء الصلاحية" هذه، تلجأ هذه التنظيمات إلى قناة 20 فبراير من أجل التنفيس عن أزمتها الداخلية، دون اهتمام بتبني أرضيتها السياسية والتوافق مع سقفها المطلبي ملكية برلمانية.
وبدل ترك الحركة تتحرك، حاولت غالبية التيارات إلباسها التقرير السياسي لهذا الحزب أو تلك الجماعة. وهذا افقد الحركة هويتها وتعاطف الشباب معها وكانت النتيجة أن غادرها الشباب والقادمون الجدد إلى عوالم السياسة في أكثر المواقع، وبقيت التنظيمات الصغيرة تلعن الوضع السياسي وتنتقد تراجع المد الشبابي رغم أنهم هم من تسبب به، أو "حاميها حراميها" كما وصف احد الرفاق هذا الوضع الشاذ.

وكمثال، اذكر أننا كنا في حالة حوار مع شباب العدالة والتنمية من اجل الانضمام إلى أحدى تنسيقيات الحركة في ربوع هذا الوطن، وفي وقت التحاقهم الجماعي بوقفة الحركة فوجئنا جميعا بالبعض يرفع شعارات ضد بنكيران، وكانت النتيجة أن خسرنا إضافة نوعية وكمية إلى هذا الموقع.

إن السؤال الذي يطرح نفسه هو أين تنتهي حركة 20 فبراير وأين تبدأ التنظيم السياسي؟

لقد سبق وقلنا في إحدى الجموع العامة للحركة أن الظرف مناسب ليقع "تبادل حراري" بين الحركة والأحزاب السياسية، وكان هدفي أن تنتقل الدينامية إلى التنظيمات القائمة، لذلك توجهت لهم في دعوة مفتوحة إلى فتح المقرات والاشتغال وعدم الاكتفاء بالحركة. وكان الجواب أن لا صوت يعلو فوق صوت الحركة وكل شيء أخر مؤجل.

لكن اعتقد أن "نظرية التبادل الحراري" لا تكون صحيحة إلى إذا انتقلت من الأسخن إلى الأبرد، أي من الحركة إلى الأحزاب المترهلة القديمة، وكل محاولة لسلك الاتجاه المعاكس –أي محاولة إفراغ مواقف الأحزاب الجاهزة في الحركة وجعلها ذيلية- ستكون نتيجته الحتمية "قتل عن طريق الخطأ" للحركة.
ولمزيد من التوضيح نقول أن حركة 20 فبراير تنتهي في مطالب تضمنتها أرضيتها التأسيسية التي تعلن الحد الأدنى المشترك وهو الملكية البرلمانية والدولة المدنية كسقف سياسي مثلا، هو المحدد الأساسي للانتماء والتعاطف. وأن الحزب السياسي يبدأ من المواقف التي تفرقنا، لذلك نعتقد أن إصدار مواقف سياسية ليست من مهام الحركة ولكن من مهام التنظيمات السياسية. وكل انحراف في هذا الشأن هو انزلاق إلى لعبة ردود الأفعال، وهو ليس تصرفا حكيما، ولو بدا مغريا للبعض مادام يمكنه من تصفية حسابات مع الخصوم، فكل موقف نصدره يعني محطة نزول من قطار الحركة لغير المتفقين، فلماذا الإصرار على الوقوع في فخاخ المواقف مادامت تجعل عددنا ووزننا السياسي يضعف ويجعل المخزن يستفيد من ضعفنا؟

لذلك يجب التنويه بمواقف بعض التنسيقيات التي اختارت أن لا تنخرط في لعبة ردود الفعل، فلم تصدر موقفا تكتيكيا من الانتخابات، بل سجلت عدم رضاها "الاستراتيجي" على العملية السياسية ككل. ولا يفوتنا التنويه ببعض التيارات التي لم تحاول تنزيل مواقف إطاراتها في الجموع العامة، كما نسجل استغرابنا من تيارات تعمل جاهدة على تأجيل البحث في إحدى النقط والقضايا في انتظار فتوى اللجنة المركزية أو مجلسه الوطني، ونتمنى من الجميع التخلص من وهم "تحفيظ" الحركة وإلحاقها بتنظيم ما.

وختاما، إن محاولة تحزيب حركة 20 فبراير فعل قبيح وأناني.. كمحاولة تحزيب الملكية.

زهير ماعزي
ناشط حركة 20 فبراير


هناك تعليق واحد: