الأحد، 8 مارس 2009

الشباب والمشاركة السياسية

الشباب والمشاركة السياسية
لنتخيل أنفسنا داخل دوار في الرحامنة، أو في الملاح في أزمور، أو في مدرسة ثانوية أو ملعب لكرة القدم، أو حتى في مرقص ليلي على كورنيش شاطئ عين الذياب ترتاده الفئات الميسورة من المجتمع، ولنتسائل كيف سيكون التصور العام هناك لمفهوم فلسفي وأكاديمي مثل السياسة.
إنها بلا شك ذلك المستنقع الضحل الذي تطبخ فيه المؤامرات، والوسيلة اللاشرعية للإرتقاء الإجتماعي عن طريق بيع ثقة المواطنين. ولنحاول معرفة كيف يتخيل المواطن العادي جماعة السياسيين، إنهم مجموعة من السماسرة والإستغلاليين. وكثيرا ما نواجه نحن كنشطاء سياسيين ضمن الأحزاب السياسية الجادة بجملة (كلشي شفارة).
لا يمكن لنا أن نوجه اللوم كله إلى المواطن البسيط على هذا الفهم السطحي للأمور، إذ علينا أن ندرك أنه نتيجة تراكمات الماضي وممارسات المخزن التي لا زال بعضها مستمرا إلى الان للأسف، لكنه بلاشك حكم تعميمي مبالغ فيه.
إن السياسة حسب موسوعة ويكيبيديا هي الإجراءات و الطرق التي تؤدي إلى اتخاذ قرارات من أجل المجموعات و المجتمعات البشرية، و مع أن هذه الكلمة ترتبط بسياسات الدول و أمور الحكومات فإن كلمة سياسة يمكن أن تستخدم أيضا للدلالة على تسيير أمور أي جماعة و قيادتها و معرفة كيفية التوفيق بين التوجهات الإنسانية المختلفة و التفاعلات بين أفراد المجتمع الواحد، بما في ذلك التجمعات الدينية و الأكاديميات و المنظمات. وفي أبسط تعاريفها اللغوية هي التدبير الجماعي والمشترك لأمور الشأن العام، وبالتالي فهي بعيدة كل البعد عن التصور الموجود في الشارع العادي. لكن هذا لا ينفي أن السياسة في المغرب اليوم في أمس الحاجة إلى إعادة الإعتبار، والتحديث، والتخليق، والحماية من التمييع. ونحن نعتبر أن أول الغيت هو مشاركة سياسية واسعة ومسؤولة للشباب المغربي، خصوصا ونحن على أبواب الإنتخابات الجماعية 2009. إذن، ماذا تعني المشاركة السياسية؟ وهل هي مهمة؟ وكيف يمكن لي أن أشارك؟

مشاركة الشباب، المشاركة السياسية وأشكال المشاركة السياسية:
المشاركة هي عملية مستمرة لتعبير الشباب وإشراكهم الفاعل في صنع القرار على كافة المستويات، خصوصا في الأمور التي تهمهم بشكل مباشر، وهي من مهارات الحياة الأساسية والتي من الممكن أن تتخذ عدة أشكال: التشاور، والتشارك والمبادرات الحرة.
أما المشاركة السياسية فهي تعني الأنشطة الإدارية التي يقوم بها المواطنون بشكل مباشر أو غير مباشر من أجل التأثير في إختيار الحكام أو التأثير في السياسات أو القرارات المعتمدة.
ويمكن أن تتخذ عدة أشكال، منها التصويت في الإستحقاقات الإنتخابية والذي يجب أن يكون مسبوقا بالتسجيل في اللوائح الإنتخابية، متابعة الأمور السياسية، وحضور الندوات والمؤتمرات العامة،والمشاركة في الحملات الإنتخابية، والإنضمام إلى جماعات المصلحة أو منظمات المجتمع المدني، والإنخراط في الاحزاب السياسية الجادة، وأخيرا عبر الترشيح للمناصب العامة، وتقلد المناصب السياسية. (ورشة الشباب والإنتخابات الجماعية 2009، قرية الألفية للشباب الرباط 2008).

أهمية المشاركة
تعتبر مشاركة كافة المواطنين في تدبير الشأن العام وإن بدرجات متباينة معيار الديموقراطية. ونحن الشباب نشكل جزءا مهما من المجتمع، لذا لا يمكن تجاهلنا بكل بساطة، وعدم إشراكنا في كافة الأمور وخصوصا تلك التي تعنينا مباشرة.
إن المشاركة كثقافة وسلوك مهمة لعدة إعتبارات:
أولا: من أجل أن تكون المشاريع والخدمات المقدمة إلى الشباب أكثر فاعلية، فالمعنيون بالأمر - أي الشباب - هم الأقدر على تحديد إحتياجاتهم.
ثانيا: من أجل ترسيخ مبادئ الديموقراطية في السلوك العادي للمواطن المغربي ومحاربة الفساد السياسي، وبالتالي جعل الديموقراطية ثقافة مجتمعية مترسخة، فمن شاب على شيء شاب عليه. وهذه النقطة بالذات مهمة جدا، فالثقافة الديموقراطية تمكننا من تدبير القضايا المشتركة بشكل جماعي وشفاف، ومن إحترام حقوق الاخرين ولو كانوا أقلية، وبالتالي نضع حاجزا منيعا أمام العنف كوسيلة لحل الخلافات السياسية، وأمام إحتكار السلطة من لدن الأقلية المحظوظة.
ثالثا: من أجل تطوير الشخصية والمهارات الحياتية، فالمشاركة - خاصة المشاركة السياسية - تمكن من تطوير وتعزيز المعلومات والمواقف والثقة بالنفس، والشعور بالتقدير والإحترام، وتنمية مهارات التواصل، والتفاوض، والتفكير الناقد والمبدع، وإتخاذ القرار.
رابعا: من أجل المساهمة الفاعلة في التغيير، وتحسين المحيط بواقعية وبإرتباط مع الممكن، وبعيدا عن المثالية والطوباوية والمستحيل. 
ولنتذكر أنه قبل الوصول إلى لحظة الإستمتاع بالعسل، لابد من لسعات النحل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق